صارت "القضية الأمازيغية"، منذ إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حديث الكل مع الكل. فسواء أكانت الهيئة المنادية بإنصاف الأمازيغية "الآن" مناصرة لهذه القضية قبل إحداث المعهد أو غير مناصرة، فقد ضاع النقاش العلمي لهذه القضية في لجة الاسترزاق بها والدفاع الخاطئ عنها.
وتكاثرت الأحزاب الملتحقة بركب الدفاع عن "الموروث الثقافي" و"الخصوصيات الإثنو- ثقافية"؛ حيث خصصت فقرات بكاملها للأمازيغية في مقرراتها الحزبية، وكثرت صفحاتها على جرائدها. وهناك مبادرة من اليسار بتقديم أوراق في الموضوع، وبإدراجها ضمن الإصلاحات الدستورية المطالب بها.
كل هذا خارج نقاش علمي متأن لأصول القضية وواقعها الحالي والتصورات المتنافسة في إطارها ومدى قدرتها عن الدفاع عن المطلب. حيث ساد نوع من النقاش المبسط- يتناول الجوانب السياسية فقط- يكون الغرض منه إرضاء الجمعيات ومثقفي الأمازيغية بتبنيهم للقضية وخلع تهمة الشوفينية والعصبوية عنها، أو استعمالها انتخابيا ولاستقطاب الأتباع، الذين أصبحوا متضايقين من عدم اهتمام أحزابهم بلغتهم وثقافتهم. حينها يكون تناول القضية تبريريا وليس علميا.
لا ندعي أن هذه الورقة مكتملة، خاصة في نقاش شوشه الغموض والتمييع. لكن هذه الورقة اعتمدت منهاجا، رغم تأبينه أكثر من مرة، هو المنهج الأكثر إجابة عن متطلبات الباحث، وتحاول أن ترد الظاهرة موضوع الدراسة إلى أصلها الأول، أي النظر في التاريخ الطبقي- السياسي للمغرب، وكيف ساهم تفكيك البنيات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب على دفع الأمازيغية إلى دائرة الانقراض. هذا المنهج هو المنهج الماركسي، الذي سبق أن تناول القضية القومية والثقافية، ما يغني يسارنا عن الالتجاء إلى ثقافة المواثيق وحقوق الإنسان.